من طرائف الحكومات !

طرائف الحكومات:
نقاشا لاستغراب إحدى السيدات من انتقاد عمل الحكومة مع عجز المنتقد عن القيام به:
في كثير من المجالات، لا تعمل الحكومة ولا تترك أحدا يعمل لنفسه.
فالحكومة تعجز مثلا عن توفير النقل بين المدن، لكن إذا أنشأ الناس مؤسسات لنقلهم ضايقتهم الحكومة بالجبايات والضرائب وقطع الطريق. وإذا اختار أفراد أن يساهموا بسيارات الأجرة في نقل المدينة ضايقتهم الحكومة بالإجراءات البيروقراطية والإتاوات والاحتجاز، مع أنها عاجزة عن نقل الناس.
والحكومة عاجزة عن توفير تعليم مثالي، ومع ذلك إذا رأى الناس رداءة التعليم وأنشأوا مدارس خاصة بهم يتمثلون فيها بالمنهج التعليمي المناسب لهم، ضايقتْهم الحكومة بالمفتشين والجبائيين وطالبي الرشاوى.
والحكومة عاجزة عن استخراج السمك وتوزيعه على المواطنين، لكنها إذا رأت مواطنا صنع زورقا بسيطا وذهب به لاستخراج القليل من خيرات أرضه فيفيد ويستفيد، حاصرتْه بخفر السواحل والبحرية وإدارة الميناء ووزارة الصيد وقابلتْه بمنع الترخيص ومصادرة ماله وأرهقتْ كاهله بالمسطرات الإدارية.
والحكومة تعجز عن جلب غذاء من أقرب جيرانها، لكن إذا تطوع مواطن وذهب إلى المغرب ليغيث الجوعى ببعض الخضار، قطعتْ عليه الطريق بحدودها ومنعتْه الدخول وفرضت عليه الضرائب والجمركة والعقوبات.
مؤخرا أرسل أحد حكام الأعماق رجاله ليمنعوا مواطنا من ردم حفرة تضرر منها المارون، فالحكومة لا ترمم الطريق ولا تترك أحدا يرممه خشية أن يشكر الناس له ذلك.
مؤخرا كذلك صادرت الحكومة صلاحيات من بلديات يتصدرها معارضون، وذلك خشية أن يذهب ثناء الناس للعمدة ولا تجد الحكومة من يثني عليها. ففي عرفات مثلا منعت الحكومة على البلدية تنظيف بعض الشوارع والمستشفيات خشية أن يمر الناس عليها نظيفة فيمدحون العمدة، فمنعت الحكومة تنظيف تلك الشوارع، لأن الحكومة تفضل أن يبقى الشارع متسخا قذرا إذا كانت تنظيفه سيسبب الثناء على غير الحكومة.
الحكومة عاجزة عن فتح معلَم للتكوين المحظري التقليدي، لكنها أغلقت مؤخرا أحد هذه المعالم، فلما طلبنا إليها أن تعطينا بديلا قالت: لا أستطيع لكني أخاف عليكم من التطرف.
..
أظرف ما في الأمر الآن أن المعادلة تغيرت، فلم يعد الناس يطالبون الحكومة بتوفير الخدمات لهم، بل صار رجاؤهم الوحيد أن تتركهم الحكومة يخدمون أنفسهم بأنفسهم في النقل والصيد والغذاء والتعليم والنظافة وترميم الطرق، فيأملون أن تدعهم الحكومة ينتشرون في الأرض ويبتغون من فضل الله، لكن الحكومة مصرة على موقفها الذي يقضي بأنها لا تنفع أحدا ولا تترك أحدا ينتفع بنفسه.