(مشروعي مستقبلي هي مبادرة من وزارة التشغيل والشباب والرياضة لمساعدة رواد الأعمال الشباب الطموحين وقادة المشاريع القابلة للتحقيق، تهدف إلى تمكين الشباب، واستدامة المشاريع وخلق فرص العمل، وتمويل 500 مشروع في جميع أنحاء الوطن بطريقة شفافة وموضوعية..).. على أن تتم اعادة هذه العملية في حالة نجاحها.. .
هكذا بدأت القصة، لتستقطب آلاف الشباب العاطلين عن العمل، الطامحين للدخول إلى مجال الأعمال وامتلاك شركاتهم و مشاريعهم الخاصة، وبعد شهور من الانتظار دخلوا في مرحلة التقويم بعد اختيار العدد المطلوب -500 مشروع- موزعة على ولايات الوطن.
لتأتي المرحلة الموالية و الأهم والتي من خلالها استفاد المشاركون من دورات تدريبية تأطيرية – بتعاقد الجهات المعنية مع مكاتب دراسات- لتزويد المشاركين بالمهارات اللازمة للتخطيط لمشاريعهم و بالتالي إدارة توقعاتهم بشكل أفضل.
كل ماتقدم كان عبارة عن الجانب النظري البحت، الذي أعطى أملا لاستمرار ونجاح هذه المشاريع ولو نسبيا، ولكن عندما تم الانتقال إلى المرحلة التطبيقية التي انتظرها الجميع بفارغ الصبر، ظهرت مجموعة من المعوقات لتقلل فرص النجاح و تعرقل نمو المشروع و استمراريته و على رأس تلك المعوقات قصر فترة السداد والتي حددت ب سنتان ونصف- 30شهرا – كأقصى حد و فترة الإعفاء التي لاتتجاوز 6 أشهر، وهنا تكمن الطامة الكبرى لأن هذا النوع من المشاريع – الصغيرة والمتوسطة- لا يمكنها بحال من الأحوال تحقيقها النمو المطلوب، في هذه الفترة نظرا لارتفاع معدلات المخاطرة، واحتياجها لوقت طويل نسبياً للحصول على عائد وسداد أقساط القرض، إضافة إلى نقص الخبرة للعاملين بهذا القطاع، وصعوبة الحصول التفاعل المطلوب لمعظم المشاريع بمختلف أنواعها .
وفي مايلي نضع للجهات المعنية والمستفدين من هذه المشاريع بعض النصائح و التوصيات، لعل و عسى أن تساعد في الحد من حدوث أزمة تلوح في الأفق – لاقدر الله- نحن في غنى عنها، لأن هدف الحكومة من هذه العملية برمتها تمكين الشباب و استدامة الاستثمارات وخلق فرص عمل، لا العكس.
أولا. نود أن نبين رفضنا لبعض قرارات اللجنة المكلفة بمشروعي مستقبلي لما احتوته من بنود نعتبرها تثبيطيه بدلاً من أن تكون تحفيزية، عسرة بدلاً من أن تكون يسرة، فلا يمكن قضاء الدين بالدين، ولا يمكن سداد الالتزام بدون انتفاع، خصوصاً أن المشاريع الناشئة لايمكن أن تحصد ثمار نجاحها قبل على الأقل سنتها الأولى كأقل تقدير، وهذه النقطة لايمكن تجاوزها أبدا.
ثانيا. إن تم الاتفاق على النقطة الاولى، فعلى صاحب المشروع أن يستوعب أن وضع شروط ميسرة أمر مُهم في مسار كل حامل مشروع، إلا أن النجاح يتطلب أيضاً التوفر على مشروع قابل للتحقق، ورغبة أكيدة في بلوغ الطموح، باعتبار أن هذه فرصة ذهبية يجب استغلالها وبذل الغالي و النفيس في سبيل ذلك، فكما يقال ( الفرصة ربما لا تأتي في العمر إلا مرة واحدة، لكن من يستغلها بالطريقة الصحيحة ربما تحقق له الكثير من الأماني في حياته وتكسبه الكثير).
ثالثا. الاستفادة من التجارب السابقة، بالنسبة للطرفين ، فعلى الدولة بصفتها مانحة للتمويل وأصحاب المشاريع بصفتهم قاباين على مرحلة جديدة، أن يستفيدوا من الأخطاء الكارثية للمملكة المغربية الشقيقة -على سبيل المثال- في “برنامج مقاولتي” تلك المبادرة التي أطلقتها سنة 2006، والتي لم يكن يخطر ببال المنخرطين فيها الراغبين في التشغيل الذاتي ، أنهم سيجرُ أغلبهم إلى مراكز الشرطة والدرك الملكي والمحاكم والسجون، ولم يكن أكثرهم تشاؤما يعتقد أن المقاولة التي ربط بها أحلامه وآماله في تحسين معيشته ستتحوّل إلى كابوس يقضّ مضجعه، بعدما صار عدد من مقاولي “مقاولتي” متابعين من طرف المؤسسات البنكية، وملاحقين من طرف القضاء، ومطلوبين بمذكرات بحث وطنية.
رابعا. وهي نقطة استثنائية في ظل هذه الأزمة العالمية التي تعصف بالعالم بسبب فيروس كورونا (كوفيد-19) ، فأصحاب الأعمال والمشاريع الكبرى القائمون بذواتهم ، دخلوا في أزمات كبيرة حيث فقدوا القدرة على سداد التزاماتهم الشخصية والعملية، نظرا لعدة أسباب منها هبوط معدلات القوة الشرائية للمواطن بشكل عام، وغزوف المستهلك عن الكثير من المواد و الحاجيات غير الأساسية، -فمابالك بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة الناشئة – وهنا على الجهات المعنية والوزراة الوصية أن تضع هذا الأخير بعين الاعتبار، وعلى أصحاب المشاريع بدورهم أن يفكروا في منتجات جديدة وخدمات جديدة يمكن أن يقدموها، من خلال اضافة بعض التعديلات تتماشى مع هذه الأزمة، و بالتلي العزوف عن تلك المشاريع التي لايمكن أن تتماشى مع الإجراءات الاحترازية لها.
وفق الله موريتانيا حكومة وشعبا
محمد ولد عبدالله ولد محمد جدو/ باحث في المجال الاقتصادي و إطار مالي في الصندوق الوطني للتأمين الصحي(CNAM)