حول الاعاقة العقلية والمرض العقلي/ خالد مولاي إدريس

هناك كثير من الخلط لدى عامة الناس بين مصطلحي الإعاقة العقلية والمرض العقلي، فما هي أوجه الاختلاف بين هذين المفهومين من حيث المظاهر السريرية العامة والسمات السلوكية والقدرات العقلية والاجتماعية؟ وهل من الممكن إصابة المعاقين عقلياً بالمرض النفسي؟

تقدر نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية الذين تم تشخيص اضطرابات نفسية لديهم ما بين 40%-60%، مع أن هناك العديد من التحديات التي تحول دول تشخيص الأمراض النفسية عند الشخص المعاق عقلياً، والتي لخصها سوفينر Sovner في أربعة مجالات:

1- التشويه الفكري: هناك صعوبة في تحديد الأعراض الانفعالية عند المعاق عقلياً بسبب العجز في التفكير المجرد والمهارات اللغوية الارسالية والتعبيرية .

2- الإخفاء النفسي: فالخبرات الاجتماعية المحدودة لا يمكن أن تؤثر في مضمون الأعراض النفسية .

3- التفكك العقلي: تراجع في القدرة على تحمل الإجهاد، مما يؤدي إلى القلق الناجم عن التعويض (في بعض الأحيان يساء تفسيرها على أنها هوس) .

4- المبالغة في خط الأساس القاعدي: زيادة في شدة أو تواتر السلوك غير التكيفي المزمن بعد ظهور الأمراض النفسية .

لذلك يكمن التحدي الأكبر في الكشف عما إذا كانت المشكلات السلوكية والمظاهر العامة عند المعاق عقلياً هي نتاج تدني القدرات العقلية لديهم، أم أنها أعراض منفصلة ناتجة عن مرض نفسي مصاحب لحالة الإعاقة العقلية، ومن أجل فك هذا الغموض لا بد من التحقق من الأسباب البيولوجية، ومن ثم التحقق من البيئة الاجتماعية والنفسية المؤثرة في السلوك، وملاحظة كيفية تواصل الفرد مع بيئته المحيطة في الوقت السابق والحالي، والاطلاع على التاريخ المرضي حتى لا نقع في الأخطاء مرة بعد أخرى دون أن ندع مجالاً للتاريخ أن يؤثر في التنبؤ بتقييمنا الحالي . ولا بد أيضاً من النظر إلى عوامل البيئة الاجتماعية التي قد تكون ساعدت في زيادة الضغوط على الشخص، وذلك من حيث البيئة المادية التي يقضي فيها المعاق وقته، وأصحابه ومدى تعاون أسرته .

وفيما يلي أهم الاختلافات بين المرض العقلي والإعاقة العقلية:

المرض العقلي

المرض العقلي هو حالة طبية تؤثر في قدرة الشخص على التفكير، الشعور، المزاج والقدرة على الارتباط مع الآخرين، والقيام بالوظائف اليومية . وكما هو عليه الحال في أن السكر هو نتاج خلل في وظيفة البنكرياس، فإن المرض العقلي هو حالة طبية تؤدي في الغالب إلى التقليل من قدرة الشخص على التعامل مع الاحتياجات الحياتية الاعتيادية، وهي ليست لها علاقة بمستوى الذكاء .

وتتضمن الأمراض العقلية الحادة الاكتئاب، الفصام، الاضطراب ثنائي القطب، اضطراب الوسواس القهري، اضطراب الخوف، اضطراب ما بعد الصدمة، اضطراب الشخصية الحدودية .

قد يكون المريض عقلياً هو شخص اجتماعي بشكل كامل، ولكن قد يكون لديه سمات اضطرابية أو انحرافات أخرى .

تتراوح الاضطرابات العقلية في درجة شدتها، وكذلك فإنها أكثر انتشاراً بين الناس حيث تصل إلى 6%، أو إلى 1- من كل 17 شخصاً، وفي أمريكا فإن التقديرات تشير إلى وجود مريض عقلي في أسرة من كل 5 أسر .

يؤثر المرض العقلي في الأشخاص في أي سن، عرق، دين، أو مستوى اقتصادي، وهي ليست نتاج ضعف في الشخص، أو نقص في سمة معينة، أو ضعف في عملية التربية، وهو قابل للشفاء، ومعظم الأشخاص الذين تم تشخيصهم على أنهم مرضى عقليون قد مروا بحالات شفاء من الأعراض التي يعانون منها عبر الأدوية وبالمشاركة الفاعلة للشخص المريض نفسه .

يتلقى المريض النفسي وأسرته خدمات الدعم والمساندة ووسائل علاجية خاصة، لذلك قد يكون المرض النفسي حالة مؤقتة عند الإنسان .

المريض نفسياً يتناوب سلوكه بين السلوك الطبيعي أحياناً والسلوك المرضي وغير العقلاني أحياناً أخرى .

يتضمن مصطلح المرض النفسي تنوعاً واسعاً من الأعراض التي تسير إلى أن الشخص في مشكلة انفعالية، تتضمن: العدائية، التقلب المزاجي الشديد، التوهم والشك، أو عدم التحكم الانفعالي .

الإعاقة العقلية

ترجع الإعاقة العقلية إلى تأخر في الذكاء الوظيفي عن المعدل العام .

ترتبط الإعاقة العقلية بتدنٍ في مستوى السلوك التكيف الاجتماعي .

درجة حدوثها تصل إلى 3% من عامة السكان .

تحدث الإعاقة العقلية منذ الولادة، أو خلال فترة النمو .

تعتبر الإعاقة العقلية هي إعاقة دائمة تستمر مع الشخص طوال حياته .

من المتوقع أن يتصرف الشخص المعاق عقلياً بشكل عقلاني بما يتناسب مع مستوى قدراته العقلية التي يتمتع بها، وحالته تكون مستقرة ضمن نمط معين من السلوك .

قد يكون لدى المعاقين عقلياً بعض أعراض المرض العقلي مثل الهلاوس والاكتئاب الشديد، كحالة ثانوية للإعاقة العقلية.